الكنيسه والناس

الكنيسة والناس

هذا هو العنوان الخاطئ لهذا المقال فالكنيسة هي جماعة المؤمنين الذين يوحدهم الإيمان الواحد بالمسيح ايمانا رسوليا آبائيا وتبنى الكنيسة على سبعة أعمدة هي الأسرار المقدسة السبعة وما يسمى كنيسة خارجة عن الأسرار هي كنيسة ولو أساسها كلمة الله إلا أنها آيلة للسقوط كما تؤكد كلمة الله .
إذا بنيان الكنيسة هم الناس فلا يمكن فصل الكنيسة عن الناس لدرجة أن ليتورجياتنا الشرقية تمنع الكاهن من إقامة القداس لوحده من دون شعب لأن الذبيحة الإلهية تتم بصلاة الكاهن والشعب معا الذين ينصهرون جميعا في بوتقة واحدة هي طقس العبادة .
لا نستطيع تخيل كنيسة على الأرض بدون شعب ولكن يلاحظ في السنين الماضية والحالية قلة من يرتادون الكنائس ويمارسون الأسرار المقدسة والكثير لا يأتي للكنيسة إلا في المناسبات ويقفون خارج الخدمة يتململون أحيانا من طول الخدمة أو التعليق الساخر على كل شئ .
قد تكثر الأعذار ولكن من ينتحلون هذه الأعذار مقتنعين داخلهم بضعفها ولكنهم يكابرون .
يخبرنا التاريخ أن عدم وجود اضطهاد في الكنيسة يضعفها فمتى كان هنالك اضطهاد وعدم حرية عبادة يصبح الممنوع مرغوبا فتغص الكنائس بالمصلين مهما بلغت شدة ذلك الاضطهاد .
بينما نجد في أوقات حرية العبادة الكنائس ليس بها إلا نسبة قليله من نسبة الناس المسجلين داخل رعية معينة .
أنا أعرف بعض الكنائس التي لو حضر ربع الرعية لا يجد الباقون مكانا لهم ومع الأسف لا يوجد ذلك الربع .

أقول للبعيدين :

لا تتخيل أنك تلاقي رب المجد خارج الكنيسة ولا تدعي أن صلاتك الفردية تكفيك للحصول على عطية الله المجانية وهي الخلاص والنعمة . إنك في صلاتك الفردية تصلي لرب لا تراه بينما في الكنيسة تصلي لرب تراه عيانا في القربان وما أجمل العبادة والطلب حين تقديم الذبيحة فالله موجود أمامك وروحه القدوس موجود يقدس الكاهن والذبيحة والشعب ، ولست تنظر الله فقط بل تتحد به فعليا وسريا عندما تقتبل نصيبك من القدسات فيصبح ملكوت الله فعليا داخلك كما وعد الرب يسوع .
وجودك في الكنيسة بخشوع وتأمل يدعو قلبك وضميرك للتأمل والتأمل الصامت يغسل الضمير والقلب ويجعل ذلك القلب إناء صالحا لسكنى الروح القدس فيه وإن سكن الروح القدس في ذلك القلب تتقدس الحياة ويتبارك بك كل من حولك وكل ما لك .
وفي الكنيسة أدوات الحماية من الشرير ففي سر الاعتراف يتنقى القلب والنفس وفي مسحة الزيت تلبس درع قوة لشفاء النفس والجسد على حد قول القديس يعقوب في رسالته الجامعة .
وفي الإفخارستيا تتحد بالله بفرح عظيم وهذا الفرح الإلهي لا يستطيع أحد نزعه منك هذا وعد الرب الصادق .

هل تجد كل هذه العطايا المجانية خارج الكنيسة ؟

في الكنيسة تجد نفسك إبنا حقيقيا لأب سماوي هو الله يقول البشير يوحنا على لسان الرب ( لا أعود أسميكم عبيدا بل أحباء وأبناء أبيكم الذي في السماوات ) وتصبح الكنيسة أمك فالأم الجسدية ترحل يوما ما من هذا العالم لكن الكنيسة تبقى أما لك حتى بعد الموت تصلي لك أبدا كنت حيا أم راقدا .
شعر زكا بقصر قامته ليبصر الرب فصعد على الجميزة ليتمكن من رؤيته . كلنا قصار القامة منحنية ظهورنا من ثقل خطايانا ومعاصينا ما هي تلك الجميزة إلا الكنيسة التي هي جبل الله وهي الغصن الذي يرفعنا لنرى الله ونتمتع بمجده السرمدي أبدا .
الأعمى منذ مولده ولد أعمى بدون عينين . صنع الرب من طين عينين له ورأى وفي الكنيسة يفتح الرب عين الإيمان فنراه حولنا وكما يقوا مرنم المزامير بالروح القدس ( رأيت الرب أمامي كل حين هو عن يميني لئلا أتزعزع ).
في كل قداس تنال بركة مجانية فيها الفرح والتعزية وصفاء القلب والسريرة .
الكنيسة وعبر سنة طقسية تجعلك ماشيا مع الرب في ميلاده ومعموديته ودخوله الهيكل وبشارته المفرحة وصلبه وموته وقيامته وصعوده وتؤهلك جنديا مستعدا لمجيئه الثاني . في الهيكل نزل العشار مبررا دون الفريسي .
فتعال يا أخي وأختي وأبني وابنتي ستجد السلوى في الحزن وفرحك يصبح مقدسا وفي آلامك ومرضك تلقى العزاء والأهم التنقية والتقديس وغفران الخطايا .
لا تتأخر الرب ينادي هو القائل ها أنا ذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي .
لا تتباطأ فأنت لا تعرف الوقت ولا الساعة حين يأتي ملاك الموت .
لا تكن غبيا وتذكر مثل الرب عن الغني الغبي الذي امتلأت مخازنه بالخيرات فرح وقال أهدم مخازني وأبني أكبر منها فكلي يا نفسي واشربي وجاءه تلك الليلة ملاك الموت قائلا يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه كلها لمن تكون ؟
يا رب نجينا من تلك الساعة بجعلنا مستعدين لها ولا يرقد أحد خارج رضاك اقبلنا بخاصية محبتك للبشر وطول أناتك عليهم وافتح يا رب عيون قارئي هذه الكلمات لنورك المقدس بأن تلمس كلماتي الحقيرة قلب كل منهم إقبل واستجب بشفاعة أمنا البتول الطاهرة وقديسيك الذين أرضوك جيلا بعد جيل ولك المجد إلى الأبد .
آمين